السيد إبراهيم: الأطفال مصدر الإلهام.. وأحرص على الاستماع لآرائهم

“السيد إبراهيم” أحد الكتاب المبدعين الذي كتبوا قصصًا سردية ومصورة ممتعة في أشهر مجلات الأطفال المصرية والعربية، وصدرت له عشرات الكتب عن عدة دور نشر، وهو إضافة لذلك يحرص باستمرار على التواصل مع الأطفال والعمل على تطوير مواهبهم وقدراتهم الإبداعية، من خلال الورش التفاعلية التي تقام في إطار معارض الكتب، أو ضمن أنشطة المكتبات الوطنية وغيرها، ويعتبر الأطفال شركاء أساسيين في المبادرات التي يطلقها مثل مبادرة (قصص من وحي رسوم الأطفال) وغيرها.

في هذا الحوار، يكشف الكاتب المصري السيد إبراهيم كيف يختار أفكار قصصه، وكيف يكتبها، وآخر كتبه ومشاريعه، وبم ينصح الموهوبين من الأطفال ليصبحوا كُتّابا في المستقبل.. فإلى نص الحوار:


– متى وكيف بدأت صلتك بعالم الأطفال واليافعين؟ هل لك أن تروي لنا قصة البداية؟

أهتمُ بالأطفال منذ زمن بعيد، وزاد الاهتمام بهم أكثر وأكثر منذ ما يقرب من 18 عاما، بعد أن رزقني الله بأول طفلة؛ ابنتي سهيلة. أردت- حينذاك- أن أشغل عالمها الصغير بما يفيد من قصص جميلة، لتكون نافذتها الأولى للتعرف على هذا العالم، ومع مرور الوقت نظّمنا ورشات فنية لممارسة الأشغال اليدوية وفنون الابتكار وإعادة التدوير، في لقاءات عائلية تحوّلت فيما بعد لورشات منظمة بالتعاون مع مكتبة الاسكندرية وبعض المراكز المهتمة بالطفولة، ثم تحوّلت لسلسلة كتب وصفحات في مجلات الأطفال المعروفة في الوطن العربي، وكذلك بدأت في الاهتمام بنشر قصصي السردية والمصورة.

الكتابة للأطفال.. واكتمال السعادة

– بموازاة أبواب الأشغال اليدوية وفنون إعادة التدوير التي قدمتها في مجلات الأطفال انتقلت للكتابة للأطفال منذ سنوات.. فما الذي دفعك لذلك؟

قرأتُ الكثير من قصص الأطفال خاصة عندما رزقت بطفلتين، ووجدت مع الوقت أن لديَّ أفكارًا مختلفة وموضوعات عديدة أحب أن أتحدث فيها مع طفلَتيّ، وسألت نفسي: لماذا لا أوجه الرسالة نفسها لعدد أكبر من الصغار؟ فبدأت الكتابة والانطلاق في النشر، وتأكدت من صدى تلك الكتابات من خلال اللقاءات المباشرة مع الأطفال، خاصة في مكتبة الإسكندرية.

السيد إبراهيم في لقاء مع الأطفال بمكتبة الإسكندرية

– هل لك أن تذكر لنا أين نُشرَت لك أول قصة؟ وكيف كان شعورك عند إتمام كتابة هذه القصة؟ وشعورك بعد أن رأيتها منشورة؟

لا أذكرُ على وجه التحديد أول قصة تمّ نشرها، ولكن من المؤكد أن معظم ما نُشر في البدايات كان في مجلات عربية معروفة، منها مجلات “سمير” و”فارس” و”قطر الندى” في مصر، ومجلة “العربي الصغير” في الكويت، ومجلة “أنس” في السعودية، ثم مجلة “جاسم” بقطر، وتنوع النشر بين القصة السردية والقصة المصورة، وأيضًا القصص الواقعية الملهمة مثل قصص (حيوانات دخلت التاريخ) التي نشرت في باب دام فترة طويلة في مجلة “العربي الصغير”، من رسوم المبدع حسام التهامي.

ولا أخفي سعادتي عندما أُكملُ كتابة قصة أو عندما أجدها منشورة، ولكن هذه السعادة تكتمل عندما تصل لأيدي الأطفال وأتلقى إعجابهم بها.  

– كتبت عشرات القصص.. فمن أين تستمد أفكار قصصك في العادة؟

الأطفال أنفسهم مصدر رائع لاستيحاء القصص، لذلك عملت على مبادرة بعنوان (قصص من وحي رسوم الأطفال)، شارك فيها الكثير من المبدعين في العالم العربي، وهي تقوم على استيحاء القصص من رسوم الأطفال وأفكارهم، وتحويل رسوم الأطفال لشخصيات كرتونية، وتم نشر المبادرة في مجلة “فارس” المصرية، ثم تحوّلت لسلسلة كتب تحمل عنوان المبادرة.

عندما رقصت الزهور- سلسلة (من وحي رسوم الأطفال)

أهمية تواصل الكاتب مع الأطفال

– متى تقرر أن تكتب القصة التي تخطر فكرتها على بالك؟

عندما تأتيني فكرة قصة أحاول أن أدوِّنها على الفور كيلا أنساها، ثم أعود إلى الورقة والقلم مرّات ومرّات لتعديل الفكرة وتطويرها وتحسينها، وربما يستلزم الأمر أن أقضي وقتا طويلا للبحث عن معلومات حول الموضوع، خاصة إن كان ينقل معلومات علمية، مثل مشروع “القصص العلمية” على أحد التطبيقات الإلكترونية، الذي تم ترجمته للعديد من اللغات الأجنبية بسبب جودة القصص ودقتها.

– هل تحرص على أن تستمع لآراء عينات من الأطفال في قصصك الجديدة قبل نشرها؟ وكيف تستفيد من تعليقاتهم؟

نحن نكتب للأطفال، ومن المستحيل أن ينجح الكاتب نجاحا حقيقيا إن كان بمعزل عن التواصل مع الأطفال، وأنا لا أشعر بقيمة ما أكتب إلا في الورشات التفاعلية مع الأطفال، وأحرص دومًا على سماع آرائهم، بل وأعتبرهم شركاء في تنفيذ الأعمال الموجهة إليهم، كما يحدث في مبادرة (قصص من وحي رسوم الأطفال)، حيث يُذكر اسم الطفل في الكتاب كشريك أساسي في إبداع العمل، مثله مثل الكاتب والرسام.

– ما هي أجمل رسالة أو تعليق وصلك من الأطفال حول قصصك التي نشرت لك؟

من أجمل التعليقات ما وصلني من الطفل الفاروق السعودي الذي فاز في مسابقة تحدّي القراءة في نيوزيلندا عام 2020، حيث سُئل في أحد اللقاءات الصحفية: من كاتبك المفضل؟ فأجاب: “السيد إبراهيم”، وكان من أسباب اختياره لقصصي أنها تعتمد على شخصيات الحيوانات المحبّبة للأطفال.

– لك تواصل مباشر مع الأطفال في المعارض والورش التي تقدمها.. ما أهمية ذلك للكاتب أو المبدع الذي يكتب أو يرسم للأطفال؟

الأطفال هم مصدر الإلهام، ومن خلال التواصل الدائم معهم نفهم أفكارهم، ونتفهم مخاوفهم، ونتعرف على أحلامهم، ولذلك يكون هناك حوار ونقاش يساعدنا معا لنكون أصدقاء.

مشاريع وكتب

– أشرفت على مشاريع تمزج فيها بين الأطفال والكتاب والرسامين الكبار كمشروع (من وحي رسوم الأطفال).. ما أهمية هذه المشاريع التي تجمع بين المبدعين الكبار والأطفال؟

مشروع قصص (من وحي رسوم الأطفال) هو رسالة للأطفال أننا نعمل من أجلكم ومعكم، وفي الحقيقة يملك الأطفال الكثير من الخيال الذي يفتقد إليه الكبار. نسج خيال الأطفال مع أفكار الكبار يصنع نسيجا رائعا من الإبداع، كما أن الشخصيات التي يقوم الأطفال بتصميمها تكون أقرب إليهم، وهذا من نرجوه؛ أي أن نجد شخصيات كرتونية تسعدهم، وفي نفس الوقت تكون من نسج خيالهم، وليست آتية من ثقافة بعيدة غريبة عن عالمهم.

– مشروع وكتاب لك تعتز بهما.. فما هما؟

من المشروعات التي أعتز بها مشروع “القصص العلمية”؛ لأن القصص تصل للأطفال مجانا في كل أنحاء العالم عبر التطبيق، وكذلك مشروع “رنين” للقصص الصوتية الموجّه للأطفال المكفوفين، ومشروع نعمل عليه حاليا وهو “قصص من تراث الشعوب”، حيث نبحث في القصص الشعبية والتراثية العالمية عن أجمل الحكايات التي أبدعتها الإنسانية لنشر الحب والخير والسلام.

ومن الكتب التي أعتز بها كتاب “توت توت”، من رسوم الفنان مصطفى برشومي؛ لأنه الكتاب الأول في سلسلة جديدة بعنوان “المكتبة الزرقاء”، تستهدف التعاون مع الكتّاب والرسامين من كل أرجاء الوطن العربي لتقديم قصص مصورة مميّزة للأطفال.

توت توت- الكتاب الأول بسلسلة (المكتبة الزرقاء)

– من خلال تجربتك.. بمَ تنصح الموهوبين من الأطفال في مجال الكتابة أو الرسوم لتطوير قدراتهم الإبداعية؟

القراءة ثم القراءة ثم القراءة، مع عدم التوقف مطلقا عن محاولة الكتابة؛ لأن ملكة الكتابة تتحسن بالتدريب والاطلاع والتعلُّم المستمر.

– ما هي آخر كتبك ومشاريعك التي أنجزتها؟ وما أهم الأعمال التي تعمل عليها حاليا؟

يصدر قريبًا إن شاء الله كتابي عن المركز القومي لثقافة الطفل بعنوان “حيوانات لا ينساها التاريخ”، كما تصدر أيضًا قصتي لليافعين بعنوان “سرّ الحيوانات الغريبة عن الخيال العلمي”، وأيضًا في المطبعة سلسلة من أربع قصص بعنوان “حيوانات مُلهِمة”، وصدر مؤخرًا في مصر سلسلة من خمس قصص بعنوان “في الحكاية معلومة”.

تأثير التطبيقات الإلكترونية ووسائل الإعلام على الأطفال

– هناك من يعتقد أن علاقة الأطفال بالتقنيات الرقمية (الجوال والتطبيقات الإلكترونية والأجهزة الذكية) قد تؤثر على صلتهم بالكتب والمطالعة.. ما رأيكم؟ 

الوسائط الإلكترونية وسيلة هامة جدّا للمعرفة إن أحسنّا استثمارها، وهناك العديد من التطبيقات الإلكترونية الهامة للاطّلاع على الكتب من قِبل الأسر واليافعين، لذلك علينا فقط استخدام هذا السلاح الهام فيما يفيدنا، وليس في إضاعة الأوقات على منصات التواصل الاجتماعي دون هدف.

– لا يزال الأطفال في الأغلب مجرد متلقين لما يصدر عن وسائل الإعلام الموجهة لهم (مجلات، مواقع الكترونية، قنوات تلفزيونية) فقط.. برأيك كيف ينبغي أن تكون هذه العلاقة بين الطرفين؟

يجب على المبدعين في مجال الأطفال أن يبحثوا عن طرق للتفاعل والتواصل مع الأطفال، من خلال الورش واللقاءات التفاعلية، وعلى الأطفال أيضًا المبادرة بالبحث عن المبدعين، من خلال معارض الكتب والورش، وحتى منصات التواصل الاجتماعي؛ من أجل خلق المزيد من الفرص لصنع قنوات للتواصل تفيد الجميع.