ماذا نقرأ للجنين قبل أن يولد؟ ولماذا؟

هل سمعت من قبل عن مشروع فتح روضات لتعليم الأجنَّة؟

هل يبدو الأمر غريبًا؟!  

هيّا معًا نبحر لنتعرف على حقيقة الأمر.

اعتقد العلماء لفترة طويلة أن السنوات الخمس الأولى من عمر الطفل هي الأوقات الحرِجة التي يتوقف عليها بناء شخصيته لاحقًا. والمدهش في الأمر، أن الشهور التسع التي تسبق الولادة هي الأهم في بناء نفسية الشخص البالغ.

والحقيقة، أن الكائن البشري هو ثمرة ماضِيه، ووريث شفرة مسجلة في صبغاته قبل أن يولد،  حتى إن الجنين يُعتبر تلميذًا فعَّالًا في المدرسة الرَّحِمية، يجب أن نحترمه ونقدم له ما يحقق له التطور النفسي والمعرفي.

لا شيء يضـيع من خبرات طفولتنا وما قبل ولادتنا، بل تظل إيحاءات تلك الخبرات توجه حياتنا، والأشهر التسعة لحياة الإنسان في رحم الأم، تفوق من حيث أهميتها وخطورتها حياة الكائن الإنساني برمتها.

ويُقال إن الأم فقط هي مَن تشعر بجنينها، لكن في الحقيقة، هناك ما يتعلق بالجنين أيضًا ولا تعلمه الأم، فليست الحركة، والعنف، والأيادي والأقدام الصغيرة التي “تخبط” بجسد الأم، هي كل ما يفعله هذا الصغير، وإنما هناك أشياء غريبة تحدث داخل الرحم، لكنَّ الأم لا تشعر بها. هذا، ويستجيب الجنين للأم دائمًا، ففي حالات حزنها يبدأ بالبكاء، وفي حالات سعادتها يبدأ بالضحك. إنه يقاسمها كل ما تشعر به، لكن دون أن تعلم ذلك، أو حتى أن تشعر به!


ماذا يمكن أن نقدم للجنين؟

يمكن تنمية القدرات السمعية لدى الجنين، حيث يستطيع الطفل أن يستمع إلى الأصوات حوله، بمجرد بلوغه الأسبوع الثالث والعشرين داخل رحم الأم، ومن هنا تبدأ قدرة الطفل على التعلُّم بطريقة ما؛ فالطفل يستطيع سماع صوت القرآن، أو الموسيقى، وأيضًا يستمع إلى صوت الأم وغيره من الأصوات. 

وتقول بعض الدراسات إن اعتياد الأم الحامل على نوع معيَّن من الموسيقى التي تستخدمها للاسترخاء، تعمل على تهدئة الطفل ما إن يسمعها مرة أخرى بعد الولادة؛ فالطفل يتذكَّر الأصوات كما يتذكَّر مذاق الطعام، ومن الممكن أن نستغل هذا الأمر، فمن الجيد مثلًا أن يكون القرآن الكريم هو الصوت الذي يعتاد الطفل سماعه خلال فترة الحمل؛ فتربية الجنين على صوت القرآن من أعظم الأمور التي من الممكن أن يفعلها الأبوان لطفلهما.

متى بدأ التوجُّه نحو تعليم الجنين والقراءة له؟

  • منذ عام 1392، ظهر في كوريا ما يُطلق عليه تقنية تايجيو Taegyo، والتي تتضمن التعليم قبل الولادة بالموسيقى، والقراءة، والتحدث مع الجنين، واليوجا.

إنها تُعنى بالتعلُّم بالتجربة، فقد يتعرض الطفل لتجربةٍ ما، كأن يتعرَّف على بعض الأصوات المألوفة التي كان يسمعها داخل الرَّحم، وتساعده على الاسترخاء (صوت هدهدة الأم، أو الاستماع إلى القرآن أو الموسيقى).

كما أنه يتعلم بالاعتياد على التجربة، فمثلًا قد لا يستجيب الطفل لبعض الأصوات المخيفة بعد الولادة؛ نتيجة تكرار سماعها أثناء فترة الحمل واعتياده عليها.

تربية الجنين يتم تطبيقها في بعض البلدان الغربية، حيث تمارس النساء الحوامل في كوريا بعض التمارين المعينة، ويُعتقد أن تلك التمارين لها تأثير كبير على ذكاء وشخصية ومواهب الطفل، وهذا الأمر وُجد في  كوريا منذ 1392م، حيث يعود إلى الفلسفة القائلة إن الجنين ما هو إلا كائن بشري. 

وتلك التمارين تتضمن العديد من الأمور، مثل قراءة القصص، وعزف الموسيقى، والتحدُّث إلى الطفل، وممارسة اليوجا، كما أن النساء الحوامل قد يلجأن إلى التحكم في سلوكهن وتصرفاتهن لأنها تؤثر على الجنين.

  • بعد الحرب العالمية الثانية ظهرت تقنية هابتونومي Haptonomy للعالم الهولندي فرانس فيلدمان (التحسُّس واللَّمس، وجعل الجنين يشعر أنه فرد من أفراد الأسرة، حيث تعتمد هذه التقنية على تواصل الأم مع الجنين عبر اللمس والتحسُّس، كما أنه يمكن مساعدة الأم في معرفة وفهم وضعيات وحركات الجنين).

كلمة haptonomy مشتقة من الكلمة اليونانية hapto، والتي تعني “الاتصال” وnomos بمعنى المعايير الاجتماعية والأخلاق.

ويهدف “فن الاتصال” إلى إقامة علاقة خاصة بين الوالدين والطفل في الرَّحم، بناءً على ملاحظة أن الشعور بالأمان العاطفي يساهم في تنمية جميع القدرات النفسية والمعرفية للطفل. ويساعد ذلك الأم على تعميق الاتصال الحسي، حيث إن اللمس يعزِّز شعور الجنين بالأمان، ومن الأسبوع السابع للحمل، يسمع الطفل الأشياء ويدركها من خلال جلد الأم. 

والفهم الأول الذي يطوره في الرَّحم هو اللمس، ومن هنا تأتي أهمية إقامة اتصال من خلال هذه المعاني، حيث تعتبر الركلات التي يطلقها الطفل في بطن أمه دعوات للتواصل مع والديه، ويكون نمو حاسَّتَي اللمس والسمع سابقًا لنمو حاسة البصر، حيث تنمو الرؤية عند الجنين بشكل بطيء مقارنة بنمو حاسَّة السمع، ويُبدي الجنين تأثرًا بالضوء من الأسبوع السادس، وحين تُعرِّض أمه جسمها لأشعَّة الشمس، فإنه يحس بها ويبدي استجابة ورد فعل، وهذه الأشعَّة لا تزعجه عمومًا، ولكن عندما يُلقى شعاع وحيد مباشرة على بطن أمه، فإنه يحول رأسه في أغلب الأحيان وينتفض.


صدِّق أو لا تصدِّق!

انتشار معاهد لتخريج العباقرة في الهند يبدأ تدريبهم وهم في أرحام أمهاتهم! وظهرت ما يُطلق عليها معاهد تخريج العباقرة لتدريب الجنين في الهند عام 1993.

  • سجلت طفلة هندية عمرها عامان تُدعى دولي شيفاني شيروكوري رقْمًا قياسيًّا جديدًا في الرماية بالسِّهام على مستوى البلاد. وقال والد دولي، وهو يمارس الرماية بالسِّهام أيضًا، إنها تلقت تدريبًا وهي لا تزال في رحم أمها حتى تصبح بطلة!
  • تدربت شاميما أختير، طبيبة أسنان في دلهي، في “إسباير سوبر كيدز”، وهي أم تفخر بطفليها الخارقَيْن، على حدِّ زعمها، حيث يستطيع ابنها البالغ من العمر ثلاث سنوات التعرُّف على الكلمات، ويتمتع بذاكرة قوية. وقالت: “لقد اعتدت أن أعرض عليه 25 بطاقة تحتوي على كلمات يوميًّا. وفي غضون ثلاثة أشهر تعلم 300 كلمة، ويستطيع حاليًّا ذكر أسماء عواصم عدد من البلاد، وتلاوة آيات من القرآن». وتلقت شاميما دورة تدريبية أثناء فترة حملها في طفلها الثاني، وتقول إن ابنتها ذات الستة أشهر أكثر ذكاء وقدرة على الملاحظة، وإنها تقبل على قراءة الكتب!
  • شارك نحو 70 ألف أم في تلك الدورات التدريبية، واستفادت منها منذ بدايتها عام 1993، كما تزعم المؤسسة أنه يمكن للطفل من خلال تبني النهج المناسب، أن يبدأ تعلُّم لغة من الشهر الثالث، ويمكنه اكتساب معرفة موسوعية بدءًا من الشهر السادس، وفهم الرياضيات بدءًا من الشهر التاسع، وتعلُّم مبادئ التعليم الأساسي في غضون عام!

فوائد التواصل مع الجنين

للتواصل مع الجنين فوائد أكثر من أن تحصى، ويمكن إجمالها فيما يلي:

  • تحفيز السمع لدى الطفل (تم الإشارة لها سابقًا).
  • تطوير التواصل اللُّغوي، حيث يمكن أن يكتسب أكثر من لغة إذا استمع لها أثناء المرحلة الجنينية.
  • التعرُّف على التركيب العاطفي للأم والمشاعر التي تمر بها.
  • إنشاء علاقة قوية مع الأم وباقي أفراد الأسرة، من خلال التحدُّث للجنين وتحسُّس بطن الأم.
أفكار للتواصل مع الجنين بفاعلية
  • التحدُّث للجنين ومعه.
  • رسم اللوحات: الرسم يعتبر علاقة ثنائية، حيث يمكن أن يشارك الجنين في الثلث الأخير للحمل في التعبير بالرسم (قامت 6 أمهات من بلجيكا بتجربة مشاركة الجنين بالرسم).
  • تذوق الطعام، حيث تبدأ قدرة الجنين على تذوق الطعام من الشهر الرابع.
  • تعزيز حاسَّة الشم، حيث يمكن للجنين شم الروائح والتعرُّف على مشاعر الأم نحوها.
  • احتفال استقبال المولود: حيث يمكن دعوة الأصدقاء، ويقوم كل صديق بتقديم نفسه للجنين، وتوجيه كلمة تعبر عن مشاعره نحوه.
  • تدليك البطن: يمكن تدليك البطن باستخدام الزيوت العطرية، وكشفت الأبحاث عن قدرة الجنين على التعرُّف من خلال اللمس على شخصية من يقوم بالتدليك.
  • القراءة: للقراءة خلال فترة الحمل فوائد جمَّة، ويمكن للأم أن تختار الكتب التي تحبها، وباستطاعتها أن تشرح الأجزاء التي تشعر أنها صعبة أو تحتاج إلى توضيحات.

الجنين والقراءة

ممّا يدعو لمزيد من الدهشـة، أنه طُلب من نساء حوامل أن يقرأن بصـوت مرتفع حكاية معينة أثناء الأسابيع الستة الأخيرة من حملهن، تتميز برنين خاص، ويجري التركيز فيها على بعض الأحرف الصـوتية (حروف العِلَّة) لتيسير معرفتها. لقد تم تسجيل تباطؤ واضـح في نبضات القلب لدى الأجنة عند استماعهم إلى هذه الحكاية المألوفة لديهم، مقارنة مع ما يمكن أن تقدمه حكاية أخرى غير معروفة. 

ولوحظ عند الولادة أن المواليد أظهروا القدرة على تمييز قصصهم عن القصص الأخرى، غير أن الرُّضع لا يكتفون باستقبال اللغة فقط، بل يبثونها أيضًا، فحتى الصراخ، وهو التجلِّي الصوتي الأول للوليد، ليس مجرد آلية عضـوية، وإنما أيضًا الحبل السُّرِّي السمعي، حيث يقوي البنيان الاجتماعي والنفسي مع الأم، فضلًا عن استطاعة الأبوين تمييز بكاء وصراخ وليدهما عن صرخات المواليد الآخرين، وعندما لا يصـرخ الرضيع فإنه يثغثغ. 

ومع الشهر الخامس تغتني القائمة الصوتية للرضيع بالعديد من الحروف الساكنة الجديدة، ولا يعمد الرضيع في هذه السـن أبدًا إلى الثغثغة حينما يتوجه إلى من حوله، بل يستخدم شبه لغة لكي يلفت الانتباه، حيث ينظم الأصوات التي يرسلها في سلاسل لفظية يستدعي نظمها الكلام، وبعد الشهر السادس يتطور ملفوظ شـبه اللغة بسرعة خلال أشهر عديدة، حتى يستطيع الرضيع أن يحكي ويتكلم.

واعتمادًا على قدرة الجنين على التعليم اللُّغوي والتأثير بالمحيط الاجتماعي، يمكن أن تقدم الأم الحامل بعد الشهر السادس أنغامًا خفيفة للجنين على شكل دمدمة، أو يقدمها الأب بصوته؛ فيهدأ الجنين ويتواصـل مع أبويه، أو يمكن أن تُحكى للجنين مجموعة من القصـص الصـغيرة المعبرة؛ لتدريبه على الاكتساب اللغوي، أو تُقدَّم للجنين أناشيد خفيفة للأحرف الأبجدية بأسلوب التسجيل، أو تُقدم له مجموعة أناشيد تربوية، أو دعاء، أو سور قرآنية كريمة صغيرة؛ للارتقاء إلى مستوى التربية والأخلاق الفاضلة.


قصص عالمية تصلح للقراءة للجنين
قصص على تطبيق “نوري” يمكن قراءتها للجنين
  • حكاية لا تشبه كل الحكايات
  • تصبحون على خير
  • جاذبية
  • ليست مجرد غيمة
  • شجرة الأقمار
  • باقة زهر
  • معزوفة التحايا
  • صباح الخير
  • كلمات وأغنيات
  • حمدًا حمدًا يا رحمن
  • حدائق الكلمات
  • ثلاثون قصيدة للأطفال
  • دلو الحب
  • كيف جئت؟
  • كاميليا غنوجة أبويها
  • بدونك ماما
  • دوم تاتا دوم
المراجع:
  1. الملوحي، ناصر محي الدين 2011- علم نفس الجنين ومشروع فتح روضات لتعليم الأجنة في المجتمع الإسلامي (رسالة ماجستير- كلية الإمام الأوزاعي- لبنان).
  2. جريدة الوسط، 12 مايو 2017، انتشار معاهد لتخريج العباقرة في الهند.. تدريبهم يبدأ وهم في أرحام أمهاتهم.
  3. رقية شتيوي، يوليو 17، 2017، كيف تتمكنين من تربية الجنين وهو في الرحم قبل أن يولد؟
  4. فرست كراي عربي، التكلم مع الجنين أثناء الحمل