دور الشعر في تنمية المهارات اللغوية عند الأطفال

ينشغل الآباء والأمهات والمربّون بتنمية وتحسين المهارات اللغويّة عند الأطفال منذ صغرهم؛ لما لذلك من أهمية كبيرة في إكساب الطفل القدرة على التعبير، وتعزيز الثقة بالنفس، وإمكانية التواصل بوضوح ويسر مع الآخرين.

وانطلاقًا من كَوْن الشعر العربي أكثر الأدوات اللغوية رصانة وجذبًا وتأثيرًا، نخصّص هذا المقال لإبراز دور الشعر الموجّه للأطفال في تنمية مهاراتهم اللغويّة.

شعر الأطفال.. مكانة خاصة وأهداف متنوعة

“دور الشعر الموجّه للأطفال في تنمية الرصيد اللغوي لدى المتعلم: كتاب السنة الخامسة ابتدائي أنموذجًا”.. هذا هو عنوان بحث علمي بجامعة بجاية الجزائرية، كلية الآداب واللغات، قسم اللغة والأدب العربي، من إعداد سنجاق الدين ليلية، ورحماني صليحة. 

في مقدمة البحث، أكدت الباحثتان أن دور الشعر في تنمیة الرصید اللغوي عند الطفل يعتبر واحدًا من المواضیع التي نالت اهتمام العدید من أصحاب الاختصاص. 

وأوضحت الدراسة أن هناك مجموعة من العوامل التي تجعل للشعر مكانة خاصة في أدب الأطفال، ومنها:

– الشعر یمثل من تراث الأمة العربیة منزلة تفوق غیره من الفنون.

– الشعر عندما یقارن بالفنون الأخرى، نجده أكثر قدرة على إیصال تجربة في شكل مركّز ودقیق؛ فھو الفن الذي یكاد یجمع بین خواص الفنون كلھا أو معظمھا، لإن فیه القیم الصوتية، والصور الفنیة، والنسیج اللفظي، والبناء الفني، ولھذه الوسائل كلھا كان الشعر في صورته المثالیة هو القادر على تحریك كل مظاھر النشاط الكامنة في روح الإنسان.

– بالنظر في مناهج اللغة العربیة بالمراحل التعلیمیة المختلفة، نجد أن الشعر أهم جنس أدبي یدرسه التلامیذ، سواء من حیث محتواه أو عدد ساعاته أو موقعه في الامتحان.

– الاستجابة للإیقاع سمة ممیّزة للأطفال في مختلف مراحل حیاتھم، والشعر أكثر الفنون الأدبیة تأثیرًا في نفوسھم؛ لما یصاحبه من إیقاع موسیقى.

وبحسب البحث، فإن شعر الأطفال يهدف إلى:

– إعطاء الطفل بعض التراكیب والألفاظ اللغویة التي تساعده على تحسین لغته وتھذیبھا؛ مما یساعده على السّمو بأسلوبه، ویمكّنه من تجوید النطق، وإخراج الحروف من مخارجھا الصحیحة، والأداء السلیم للكلمات.

– المساعدة على نمو القیم الروحیة لدى الطفل عن طریق الخبرات المتنوعة.

– تحقیق المتعة وإثارة البھجة في نفس الطفل.

– إثراء خیال الطفل، وتنمیة قدرته على الابتكار.

– تنمیة قدرة الطفل على النقد والتقويم.

– المساعدة على معرفة بعض خصائص الجمال في أسالیب اللغة فیما یقرأ أو یكتب.

– المساعدة على قراءة جھریة صحیحة ومعبرة، مع القدرة على فھم المقروء، والتميیز بین الأفكار الجزئیة والكلیة.

– تنمية ذوق التلمیذ في اللغة العربیة، وغرس محبتھا في نفوس التلامیذ.

النصُّ الشعري وتعليم القواعد النحوية

من بين النتائج التي خلصت إليها دراسة جزائرية بعنوان “النص الشعري ودوره في تعليم القواعد النحوية للسنة الرابعة من التعليم المتوسط في الجزائر”، للدكتور بلخير شنين، المتخصّص في النحو العربي وتعليم اللغة العربية:

– من أهمّ صفات النصّ الأدبي، وخاصة النص الشعري الذي يُعتمد لتدريس القواعد النحوية، أن يتصف بالذوق الأدبي الذي يُرغِّب التلميذ في الإقبال على القراءة، ويجذب انتباهه ليتعلّم بحب وشوق، لأنّ الرغبة تحفزه على التعلّم.

– النصُّ الشعري يتصف بالإيقاع الموسيقي، والوزن، وجمال الألفاظ، وسبك الأسلوب، وهذه الأشياء تؤثر في نفسية المتعلِّم فتجعله يقبل على التعلُّم، ويصبح مدمنًا على حب المعرفة.

– النصُّ الشعري ينجح في تعليم القواعد النحوية؛ لأنَه التلميذ يتعلّمها من نصّ أثر في نفسيته، فأصبح محبًّا لطلب المعلومات، ومنها هذه القواعد.

– أفضل طرائق تدريس القواعد النحوية هي طريقة النصّ الأدبي، لأنها تعلّمه ممّا في ذاكرته، وهذا بعد حفظ القصيدة وفهمها.

التعليم بالشعر.. تجربة شاعر مع ابنته

قام الشاعر السوري مناف بعاج باختبار تأثير تعلُّم الشعر على المهارات السلوكية لدى الأطفال وقدراتهم، وذلك بتجربة مع طفلته مرام التي كانت تخشى التحدُّث أمام الآخرين، والإجابة عن أسئلة معلمتها حتى إن كانت تعرف الجواب.

الشاعر السوري الذي يعمل مدرسًا ويقيم في مدينة إسطنبول، راح يُحفِّظ طفلته التي تدرس في مدرسة تركية وأخويها أشعار أحمد شوقي، ويسجل لهم مقاطع فيديو خلال إلقائها يقوم بنشرها على “يوتيوب”.

وبتكرار التجربة، بدأت مرام تتشجع على الكلام، وتجيب عن أسئلة معلمتها بعد أن كانت تخشى ذلك قبل هذه التجربة.

بعاج أوضح في تصريحات صحفية أنه يتبع أسلوب التعليم بالشعر مع طلابه، ويلمس تأثيره الجليّ على قدراتهم وتنمية مهاراتهم.

وتأصيلًا لهذا الأسلوب، يستشهد مناف بعاج بقول عمر بن الخطاب (رضي الله عنه): “علّموا أبناءكم السباحة والرماية وركوب الخيل، وروّوهم ما جمل من الشعر”، وبقول أم المؤمنين عائشة (رضي الله عنها): “روُّوا أولادكم الشعر، تعذُبْ ألسنتُهم”.

وعن تأثير الشعر في الأطفال، وإثراء خيالهم وتفجير مواهبهم وطاقاتهم الإبداعية، يقول بعاج إنه حفَّظ أولاده ذات مرة قصيدة المعتمد بن عبّاد التي يقول في مطلعها “فيما مضى كنتَ بالأعيادِ مسرورا…”، وهي القصيدة التي قالها المعتمد بعد زيارة بناته له في محبسه، وهنّ حافيات القدمين يرتدين ثيابا ممزقة. سجل بعاج القصيدة مع ابنته مرام ونشر المقطع، ليُفاجأ في اليوم التالي بطفلته وقد رسمت لوحة جميلة للمعتمد بن عبّاد وراء القضبان، وبناته واقفات أمامه بثيابهن البالية.

5 فوائد للشعر على تعليم الأطفال

تشير دراسة بحثية نشرها موقع Scholar Base الماليزي، إلى أن للشعر 5 فوائد في تعليم الأطفال، هي: 

– تطوير القدرة على صناعة الإيقاع.

– تنمية الوعي الصوتي للطفل.

– تطوير مهارات الحفظ.

– تطوير قدرة التعبير عن الذات. 

– تنمية الوعي الجسدي للمتعلّم.

أشعار وقصص شعرية على مكتبة “نوري”

نرشح لأطفالكم كتب الشعر والقصص الشعرية التالية على مكتبة نوري: 

– قطتي تقول مياو

– وليد والسوسة الشقية

– حلم عصفورة وقصص شعرية أخرى

– يحيى واليوسفي

– الغراب والشحرور

– أغنية الفصول

– حلم الساعة

– نسير معًا

– إني أنمو

– القرآن كلام الله

المصادر:

– أدب الأطفال في المرحلة الإبتدائیة، النظریة والتطبیق، رشدي طعیمة.

– أدب الأطفال العربي دراسات وبحوث، حسن شحاتة.

– أب معلم يوثّق تجربته مع ابنته: تعليم الشِّعر يحسن مهارات النطق والتعلم لدى الأطفال، الجزيرة سنت.